قصة حب في الثمانينات A love story
خريف عام 1983 كان من المواسم المميزة في حياتي , فقد قادني التدبير الالهي الى الكاظمية المقدسة ﻻكمال الدراسة الاعدادية و كانت حينها على مرحلتين الرابع الاعدادي ثم تختار الفرع العلمي (اعدادية الكاظمية للبنين9 او تبقى في (اعدادية الشعب للبنين) لاتمام الفرع الادبي…. من يعرف الكاظمية لايمكن ان ينساها و من يمر بها ﻻبد ان تترك بصمة او اثراً في حياته , ان انتقالي من الدراسة المتوسطة الى الاعدادية ومن الضواحي الى المدينة كان نقلة نوعية في حياتي… ومن يشم ريح الكاظمية ﻻبد انه محظوظ في حياته و ادعي انني كذلك اذ امضيت شطرا من حياتي فيها…. لا اتذكر كيف كانت البداية و كيف دلفت ﻻول مرة الى فناء تلك الاعدادية و التي تقع بالكاظمية المقدسة بين المحيط و المحلات الشعبية الجميلة كالقطانة و الدبخانة !!! لا اذكر الا افواج الطلاب غريبي الاطوار الذين يتحدون ضد كل غريب , بهتافات واحدة و هجمة واحدة , لا ادري لماذا كانوا يسخرون مني ,هل ﻻنني غريب؟ ام لبساطة ملبسي ؟ كان اللون الجوزي مميزاً لبعض ملابسي ⓒ , وكان ايضا جزءً ﻻيتجزء من وسائل ايذاء البعض لي , و (الجوزي) ايضاً أوجد من الاختراعات الغنائية لدى حناجر الاشاوس !!! انشودة عظيمة في زمن (قادسية) الصنم لعنه الله اﻻ وهي …. (( جوزي تجوز عليّ و انا لسه الحنه بيديه ))) كان السلم العالي وسيلتهم ايضاً للايذاء و لطالما تلقيت دفعات من فوق الدرج و ربما اتعجب كيف انني ﻻزلت سليما معافى لحد الان , كيف اتصور سلامتي العقلية ايضاً بين اولئك المزعجين…. في نهاية كل نفق تكون نقطة الضوء و مع نهاية كل مأساة لابد من الفرج و مع كل هذا الرفض ﻻبد ان يكون هناك من يمد حبل النجاة و يفتح باب التواصل ويكسر الحصار المفروض…. شاب ابيض كالثلج , بسحنة اوربية وروح عراقية جميلة , و عزم على الابتكار وابتسامة و سماحة قل نظيرها في تلك الاعدادية , انه "جاسم"ذلك الفتى الكاظمي اللطيف , كان يكسر حصارهم ويتبادل معي اطراف الحديث , وكنا نتكلم في كل شيء اﻻ الخط الاحمر المسجل كماركة بإسم"القائد الضرورة" فلا اقتراب منه و ﻻ من اسواره , ولقد احاطونا بسجن كبير اسمه العراق … كان يتمتم بكلمات ﻻغنية اجنبية للمغنية الامريكية Jennifer Rush 1 The whispers in the morning of lovers sleeping tight Are rolling by like thunder now As I look in your eyes جاسم كان يرددها مرتاحا مبتسما و كانه يخاطب حبيبته ﻻول مرة 2 , وهكذا كان الوقت يمضي حتى نصل الى قرب باب مراد كاظم الغيظ عليه السلام سمي الكليم , وقبله بأمتار يصل جاسم الى بيته و ينزل الى المحلة التي هي ادنى مستوى من الشارع و يتوارى بعد ثوان فلا عين و ﻻ اثر له بينما اواصل سيري بأتجاه المراب للعودة او ربما اؤدي مراسم الزيارة ثم اكمل سيري. كان مرهف الحس جريئاً مؤدباً يعرف ماذا يريد , فهو الوحيد بيننا من ﻻيكتفي بدراسة الانكليزية كواجب فحسب بل كانت له صديقة يابانية يراسلها كل شهر ويحتفي بوصول رسائلها التي تصل مفتوحة طبعا فلا شيء يترشح الى العراق اﻻ ويطلع عليه ازلام الاجهزة القمعية انذاك…. و مع هذا كانت رسائل (دويوزون دويو) اليابانية مثار فرح وسرور (جاسم) و ﻻ ادري هل كانت هي من ترسل له الكاسيتات الاجنبية , ام كان يحصل عليها بشكل او بأخر , واني ﻻتعجب كيف اخترقت تلك الكاسيتات اسوار السجن الكبير #العراق …. كانت له روح مرحة فصديقه و ابن مدينته الاخر كانت له سحنة اسيوية اطلق عليه لقب (سلمان الياباني) , كان يحذرني كثيراً من (عظة سلمان الياباني ) …. واغلب الاحيان كان لصديقنا الاخر ( رافد) دور كبير في الترفيه عن النفس و تبادل الافكار , كان يكافح ﻻجل البقاء ايضاً , يعمل بعد الظهر في ورشة لتصليح المبردات , بينما يدرس صباحاً… صيف عام 1984 و مع ظهور النتائج و انتقالي الى اعدادية الكاظمية للبنين ﻻكمال الفرع العلمي كانت اخر عهدي ب (جاسم) و (رافد) …. الله اعلم ان كانا من الاحياء او من الاموات , هل كبرا و تغيرت ملامحهما الان ؟ هل بقي جاسم وسيما؟ ام اكل التراب ذلك الوجه الوسيم… اييييييه ….. ايام ربما نلتقي بحديث اخر ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1 غنتها فيما بعد المغنية الكندية Celine Dion 2 لي مع هذه الاغنية قصة طويلة , بالمناسبة انا ممن يعتقد بحرمة الغناء وانما اوردتها لعلاقتها بأحداث مرت في حياتي , مختصر القصة انني اشتريت جهاز سيدي وكان منقذاً لي من تلفزيون الطاغية الممل و وجدت معه قرص تنظيف ومن بين المواد هو صوت سيلين ديون وهي تؤدي هذه الاغنية , حينها تذكرت جاسم لاول مرة بعد عشر سنوات https://www.alfajr-aliraqi.tk